سلطنة عمان
كلمة «عمان» كانت في الأصل «قجان» أو «مغان». وهو اسم خام النحاس الذي تخصصت هذه المنطقة المناجم وصناعته سلاح الحضارات منه. وما زالت آثار المناجم موجودة بل وما زالت المراجل تنفث نارها في مناجم «سحار» حتى الآن. وهناك قول أن اسم «عُمان» يدل على لفظة مشتقة من اسم رجل يدعى عمان بن قحطان، نسبة إلى أول من استوطن الأراضي العمانية من القبائل العربية التي قدمت من اليمن ومن الشمال في شبه الجزيرة العربية.
الموقع:
تقع سلطنة عمان في أقصى الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية. يحيط بها البحر من ثلاث جهات، فالمحيط الهندي وبحر العرب من الجنوب والشرق، والخليج العربي من الشمال. والربع الخالي يفصل بينها وبين المملكة العربية السعودية لجهة الغرب.
حدودها مشتركة من جهة الشمال الشرقي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك جزء من أراضي الامارات يفصل أراضي عمان عن رأس مسندم العماني الواقع في أقصى الطرف الشمالي من عمان والمطل على مياه مضيق هرمز، بينما تتاخم حدود منطقة ظفار في الجنوب الغربي لدولة اليمن. ويمتد الساحل العماني لمسافة 1700 كلم تقريباً من مدخل الخليج العربي في الشمال إلى نقطة تقع في الوسط من الشاطىء الجنوبي لشبه الجزيرة العربية.
تبلغ مساحة سلطنة عمان بين حدي مسندم في الشمال وظفار في الجنوب حوالي 310 ألف كم وتعد مقاطعة ظفار هي أكبر المقاطعات في البلد 100 ألفكم2. وبذلك تكون سلطنة عمان البلد الثاني في شبه الجزيرة العربية من حيث المساحة بعد المملكة السعودية.
وتؤلف بحكم موقعها الإستراتيجي مفتاحاً للخليج العربي حيث يقع مضيق هرمز ضمن مياهها الاقليمية. وبذلك تسيطر عمان جغرافياً على أقدم وأهم الطرق التجارية البحرية في العالم أما عدد السكان في السلطنة فيبلغ تعدادهم حوالي المليوني نسمة، وينتمي الغالبية العظمى منهم إلى المذهب الإباضي. وهناك أقلية كبرى (حوالي ربع السكان) من المسلمين السنة ومن المرجح أن تسمية الإباضيين قد أطلقت عليهم في بداية العهد الأموي نسبة إلى عبد الله بن إباض الذي عاصر معاوية ابن أبي سفيان ومروان بن الحكم. بيد أن مؤسس المذهب الإباضي هو جابر بن زيد الأزدي العماني المولود في بلدة الفرق والمتوفى في البصرة سنة 93 هـ.
نبذة تاريخية:
في التاريخ القديم:
يعود تاريخ عمان إلى حوالي 3 آلاف عام ق.م. حيث كانت تعرف باسمها السومري «مغان» وقد عاصرت مملكة مغان مملكة دلمون في البحرين ومملكة مالوخا في الهند، وقد أسهم موقع عمان بين حضارتين عريقتين حضارة الهند وحضارة بلاد ما بين النهرين في تحديد مسارها التاريخي.
وقد كان جزءاً من نشاط حضارة مغان صهر النحاس وتصديره إلى بلاد ما بين النهرين وهذا يدل على أن حضارة قديمة قد قامت وتطورت على الأراضي العمانية.
ويرجح المؤرخون أن حضارة مغان بدأت بالأفول مع الإجهاز على السومريين في بلاد ما بين النهرين وقدوم الآشوريين (1200 ق.م.) ثم الفرس (580 ق.م.).
عمان في الدولة الإسلامية:
مع ظهور الدين الإسلامي كان عبد وجيفر ابنا الملك الجلندي يحكمان عمان. وقد أرسل إليهما النبي محمد صلى الله عليه وسلّم كتاباً حمله عمرو بن العاص طلب إليهما فيه اعتناق الدين الإسلامي (وذلك في السنة السادسة للهجرة) فاعتنق الأخوان الدين الجديد دون تحفظ ولم ينقض إلا قليل من الوقت حتى عم الإسلام في عمان. وبهذا الفتح الطوعي احتلت عمان والعمانيون مكانة خاصة عند المسلمين وعند رسول الله الذي ورد عنه أنه قال: «رحم الله أهل الغبيراء (عُمان) آمنوا بي ولم يروني».
وقد لعب العمانيون منذ فجر الإسلام دوراً فعالاً في تثبيت الإسلام ونشره، وأسهموا في قمع حركات المرتدين، كما شاركوا لاحقاً في نشر الإسلام في آسيا وأفريقيا وعملوا على توطيده في شمال أفريقيا.
ومع بداية العهد الأموي قوي أمر الخوارج في عمان، وانتشر بينهم رأي عبد الله بن إباض المتوفي عام 86 هـ. وعندما سقطت دولة بني أمية بويع جلندي بن مسعود إماماً على منطقة عمان عام 135 هـ. غير أن قوات أبي العباس السفاح قد تمكنت من قتل جلندي وبسط نفوذ العباسيين على تلك الجهات.
وفي أيام الرشيد بايع العمانيون محمد بن عفان إماماً لهم، وبعد عامين أنتخبوا وارث بن كعب، وبعث هارون الرشيد قوة لإخضاع عمان لكنها هزمت قرب صحار، وأسر قائدها عيسى بن جعفر.
حاول القرامطة غزو عمان مرتين أيام أبي سعيد الجنابي، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك، وزالت كل سلطة للعباسيين على عمان منذ نهاية القرن الرابع الهجري. وبدأ العمانيون بالانفصال عن الخلافة الإسلامية. وكانوا يختارون الأئمة من بينهم، غير أن الإمام ربما يخلع ويختار غيره. ثم أصبح الأمر وراثياً منذ منتصف القرن السادس مع تسلم آل نبهان حكم عمان وذلك حوالي 543 هـ 1154م. وامتد نفوذ آل نبهان إلى شرقي أفريقيا وبرز منهم قحطان بن عمر الذي حكم عام 670 هـ ثم ضعف أمر بني نبهان، وخضع ساحل عمان لمملكة هرمز التي قامت في مطلع القرن الثامن الهجري بعد أن دمرت هجمات المغول مدينة هرمز القديمة. فانتقل أهلها إلى جزيرة جرون المقابلة لمدينتهم وعرفت الجزيرة بعدئذ باسم هرمز. ونشطت التجارة فيها، وقامت فيها إمارة فرضت سيطرتها على المناطق المجاورة من البحرين إلى عمان.
بعد ذلك قام حاكم البحرين أجود بن زامل الجبري وقضى على حكم الأسرة النبهانية عام 829 هـ، وولى عليها عمر بن الخطاب الاباضي. واستمر حكم الإباضيين فيها حتى جاء البرتغاليون عام 913 هـ وكان يحكمها آنذاك محمد بن اسماعيل الخروصي والذي استمر حكمه من 906 ـ 942.