***************************************************


Logo Design by FlamingText.com
Logo Design by FlamingText.com

هذه هي آخر منتجات قمت بمشاهدتها Souqموقع الويب الخاص بـ:
في الأغلب، انتهى الأمر بالأشخاص الذين قاموا باستعراض هذه المنتجات إلى اختيار المنتجات التالية:

الأربعاء، 9 يناير 2013

حدود شبه جزيرة طور سيناء وأسمائها من القدم


حدود شبه جزيرة طور سيناء وأسمائها



 بلغة الشاعر قنطرة النيل إلى الأردن والفرات , وبلغة الناثر الوصلة البرية بين أفريقيا وآسيا , وبعبارة أخص هي تلك البادية الشهيرة التي تصل القطر المصري نفسه يقطري سوريا والحجاز . وقد أخذت شكل مثلث قعد على البحر المتوسط وانقلب على رأسه فدخل كالسفين في رأس البحر الأحمر وشطره شطرين هما خليج العقبة وخليج السويس .
  وشبه الجزيرة في الأصل هي البلاد الواقعة بين هذين الشطرين المعروفة الآه ببلاد الطور , ثم امتدت إداريا فشملت بلاد التيه ثم بلاد العريش في الشمال , فأصبح حدها من الشمال البحر المتوسط , ومن الغرب ترعة السويس وخليج السويس , ومن الجنوب البحر الأحمر , ومن الشرق خليج العقبة وخط يقرب من المستقيم يبدأ من رأس طابا على خليج العقبة وينتهي بنقطة على شاطئ البحر المتوسط عند رفح .
وسنسميها بعد الآن : جزيرة طور سيناء أو جزيرة سيناء أو الجزيرة أو سيناء طلبا للإختصار . أما نسبتها إلى طور سيناء , فلأن هذا الطور  ص9
هو أشهر جبالها , وأما سيناء فلغة " الحجر " قيل سميت البلاد سيناء لكثرة جبالها , وقيل أن اسم سيناء مأخوذ من سين بمعنى القمر في العبرانية فسميت البلاد سيناء لأن أهلها كانوا قديما يعبدون القمر , قلت بل يكفي لنسبتها إلى القمر حسن الليالي المقمرة فيها فإن صفاء جوها ورقة هوائها وسعة أرضها تجعل قمرها أبدع الأقمار .
  وقد عرفت سيناء في الآثار المصرية باسم " توشويت " أي أرض الجدب والعراء . وعرفت في الآثار الأشورية باسم " مجان " ولعله تحريف مدين وهو الاسم الذي أطلقه مؤرخو العرب على شمال الحجاز وجنوبي فلسطين وهي البلاد التي عرفت عند مؤرخي اليونان باسم " أرابيا بترا " أي العربية الصخرية .
  هذا وقد عرفت في التوراة باسم حوريب أي الخراب كما عرفت باسم سيناء , قال بعض علماء التوراة أن اسم حوريب أطلق على البلاد جملة واسم سيناء على أشهر جبل فيها , ثم نسي اسم حوريب وسائر الأسماء القديمة ولم يبق إلى يومنا هذا إلا اسم سيناء .
  ولقد كانت سيناء في أكثر العصور التاريخية ملحقة بمصر مع أن سكانها كانوا منذ بدء التاريخ ولا يزالون من أصل سامي كسكان سوريا , وهي في هذا العهد محافظة من محافظات القطر المصري كما سيجئ تفصيلا
أما البحر المتوسط الذي يحد سيناء من الشمال فطول شاطئه من بورسعيد إلى رفح نحو مئة وثلاثين ميلا وطوله على خط مستقيم نحو مئة ميل , وهو شاطئ رملي معرض للرياح الشمالية الغربية التي تشتد في غالب الأحيان حتى يستحيل على السفن الاقتراب منه لشدة هياج الأمواج , وليس في هذا الشاطئ ما يصلح لأن يكون ميناء للسفن إلا خليجا صخريا صغيرا بين مدينة العريش والشيخ زويد يدعى جرف الحصين عند بئر المصيدة فإنه إذا اعتني به صلح لأن يكون ميناء للسفن الصغيرة .
  هذا ويدخل من البحر المتوسط في بر سيناء بين العريش والطينة بحيرة عظيمة تعرف " ببحيرة بردويل " سيأتي ذكرها .  ص10
وأما ترعة السويس التي تحد سيناء الشمالية من العرب فهي الترعة التي تصل البحر الأحمر رأسا بالبحر المتوسط , تمتد من مدينة السويس فتخترق البحيرة المرة فبحيرة التمساح فبحيرة البلاح , ثم تحاذي بحيرة المنزلة من الشرق إلى أن تصل البحر المتوسط عند بورسعيد , وطول هذه الترعة 160 كيلو مترا , وعرضها تسعة أمتار وخمسون سنتيمترا , وأكبر البواخر التي يسمح لها بالملاحة فيها الآن لا تتطلب من العمق أكثر من ثمانية أمتار و53 سنتيمترا , ولكنهم آخذون في توسيعها وتعميقها حتى تصلح لمسير أكبر البواخر .
  وللترعة ثلاثة جسور " كباري " متحركة يعبر بها إلى جزيرة سيناء : أحدها شمالي السويس والثاني عند الاسماعيلية والثالث عند القنطرة في طريق العريش .
  ولقد كان وصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط أمنية كل ملك عظيم قام على مصر  ص11
منذ أيام الفراعنة , وكان أول من حقق هذه الأمنية رعمسيس الثاني سنة 1330 ق . م فإنه وسط النيل ومد ترعة من فرع النيل البليوسي عند تل بسطة إلى السويس طولها نحو 200 كيلومتر وعرضها من مئة إلى مئتي قدم , ثم ردمت فجددها داريوس ملك الفرس ثم ردمت وجددها البطالسة , ولما افتتح العرب المسلمون مصر على يد عمرو بن العاص كانت مردومة فاستأذن ابن العاص الخليفة عمر بن الخطاب وجدد حفرها فجعل مبدأها مصر العتيقة وأتمها بسنة , وبقيت إلى زمن أبي جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين فوصل إليه الخبر بأن خرج عليه محمد بن عبد الله من سلالة علي بن أبي طالب بالمدينة المنورة فكتب إلى عامله على مصر يأمره بسد هذه الترعة حتى لا تحمل المؤونة من مصر إلى المدينة فسدها وما زالت كذلك إلى اليوم .
  ولكن لم يتم وصل البحرين رأسا بدون توسط النيل إلا في عهد اسماعيل باشا الخديوي الأسبق وذلك بهمة المسيو ده لسبس المهندس الفرنساوي الشهير فإنه نال الإذن بفتحها من سعيد باشا سنة 1856م وألف شركة مساهمة فدبر ما تحتاج إليه من المال وأنشأها على رغم ما اعترضه من الموانع السياسية والإدارية القوية , وقد بلغت نفقات حفرها وتوسيعها 24 مليون جنية . واحتفل بافتتاحها في 17 نوفمبر سنة 1869م 12 شعبان سنة 1286هـ احتفالا بلغ منتهى الأبهة وقد حضره بعض ملوك أوربا ونواب جميع الدول .
  وهذه الترعة من أعظم الأعمال التي باشرها الإنسان منذ قام العالم لأنها ربطت الشرق بالغرب وسهلت التجارة في آسيا وأفريقيا وأوربا أعظم تسهيل .
  هذا وقبيل فتح هذه الترعة كان المسافرون إلى الهند من الإسكندرية يركبون ترعة المحمودية بالمراكب تجرها الرفاصات إلى العطف 44 ميلا , ثم يركبون النيل فرع رشيد بالبواخر إلى القاهرة 120 ميلا , ومن هناك يركبون مركبات الأمنيبوس تجرها الخيل في الصحراء إلى السويس 84 ميلا . وقد قصرت هذه الطريق طريق الهند أسابيع . وكان الفضل في إنشائها إلى " اللفتننت توماس واغورن " من ضباط البحرية الانكليز , توفي في يناير سنة 1850 عن 49 عاما ولم يكافأ على عمله هذا إلا بعد  ص12
وفاته فقد نصب تمثالا في بلدته شاتام من أعمال كنت بانكلترا سنة 1888 وكانت شركة " القنال " قد نصبت له تمثالا نصفنا عند مدخل القنال في بورت توفيق بالسويس كما نصبت لسبس تمثالا كاملا عند مدخل القنال في بورسعيد .
  هذا وقد كان لمرور تجارة الهند وبريدها بمصر نفع عظيم لمصر وسوريا معا ففتح هذه الترعة سد النفع في وجهها وحوله إلى أوربا , وكان الانكليز أكبر المستفيدين من فتحها مع أنهم كانوا أكبر المعارضين لها في أول الأمر لأن سياستهم كانت تقضي ببقاء طريق الهند على رأس الرجاء , ففي سنة 1911 مر بالترعة 4969 باخرة تحمل 18124794 طنا فكان 3089 باخرة منها للانكليز والباقي لسائر الدول , وكانت الحكومة الانكليزية قد اشترت أسهم خديوي مصر في 25 نوفمبر سنة 1875 في وزارة اللورد بيكو نسفيلد بأربعة ملايين جنيها فبلغت قيمتها في 31 مارس سنة 1911 سبعة وثلاثين مليونا ونصف مليو جنيه , وكانت أرباح هذه الأسهم في العام المنصرم " 1913 " 1316185 جنيها .  ص13
  هذا وفي الاتفاق الدولي الذي أمضي في 29 أكتوبر سنة 1888 تقرر أن يكون حق المرور بالترعة شائعا لجميع الدول فتمخر فيها بواخرها المسلحة وغير المسلحة في زمن الحرب أو في زمن السلم .
  ويديرها الآن مجلس عام مؤلف من 32 عضوا من جميع الدول المساهمة فيها وفيهم عشرة من الانكليز بينهم ثلاثة ينوبون عن الحكومة الانكليزية .
  ومدة امتياز الترعة 99 عاما من تاريخ افتتاحها , وشروط الحكومة المصرية مع الشركة تقضي بخروج الأسهم كلها من أيدي المساهمين ودخولها في حوزة مصر عند انتهاء هذه المدة أي سنة 1868 . وجميع أسهم الترعة الآن للأجانب فليس للحكومة المصرية أو للمصريين سهما واحدا منها . ففي سنة 1909 اقترحت الشركة على الحكومة المصرية أن تطيل الامتياز أربعين سنة فتدفع لها الشركة أربعة ملايين جنيه مع نصيب قليل من الأرباح . وقد قصدت الشركة بذلك رفع أسهمها وإطالة أمد أرباحها بإشراك مصر في شئ من الأرباح , فعرضت الحكومة الاقتراح على الجمعية العمومية وقيدت نفسها بقبول رأي الجمعية كيفما كان, فرفضت الجمعية الاقتراح بأغلبية عظيمة بحجة أنه مجحف بحقوق مصر , قالوا يكفي الذي خسرته تجارة مصر بفتح هذه الترعة وإنه ليس لمصر الآن سهم واحد من أسهمها فلا نطيل أجل خسارتنا بيدنا أربعين سنة أخرى , قالوا ذلك وهم آملون دخول الترعة في حوزة مصر عند انتهاء مدة الامتياز .
  ولكن الذين دافعوا عن الاقتراح قالوا إن مصر لو قبلته أفادت الشركة بإطالة مدة امتيازها واستفادت هي مورد مال جديد ليس لها غير هذا السبيل إلى وروده , لأن ترعة كترعة السويس تربط الشرق بالغرب وتشترك فيها مصالح الدول كلها لا تترك لرحمة مصر والمصريين يتحكمون فيها كما يشاؤون , وقد كان رسم المرور بالترعة أولا عشرة فرنكات على الطن الواحد فخفض تدريجيا حتى بلغ الآن ستة فرنكات وخمسة وسبعين سنتيما , وقد وعد المسيو ده لسبس سنة 1883 بأن يكون الحد الأدنى لرسم المرور خمسة فرنكات فلا بد من خفضه إلى هذا الحد  ص14
به خصوصا بعد فتح ترعة بناما , بل ربما خفض إلى أدنى من هذا الحد حتى إذا ما انتهت مدة امتياز الترعة جعلوها حرة ولم يسمحوا بأخذ رسم مرور بها إلا بقدر ما يكفي للمحافظة عليها فإذا صح هذا القول ولم يكن لمصر إذ ذاك ما للشركة الآن من القوة لتمشية الرسم الذي توجبه كان رفض الاقتراح موجبا للأسف الشديد   
أما خليج السويس الي يحد سيناء الجنوبية من الغرب فطوله من السويس إلى رأس محمد نحو 150 ميلا وعرضه من عشرة أميال إلى ثمانية عشر ميلا . وأشهر موانيه على شاطئ سيناء مبتدئا من الشمال :
  " ميناء عيون موسى " على ثمانية أميال من السويس وفيه محجر صحي قديم
  " ميناء ملعب " على نحو خمسين ميلا من ميناء عيون موسى وقد اتخذته حكومة مصر محجرا للحجاج بضع سنين ثم وجدته عرضة للرياح الشديدة فنقلت المحجر منه إلى مدينة الطور .
  " مينا أبو زنيمة " على نحو اثني عشر ميلا من ميناء ملعب سمي كذلك باسم شيخ يزار هناك يعرف بهذا الاسم . وقد كان في عهد الفراعنة ميناء معدني الفيروز في سرابيت الخادم , وفي هذا العهد ميناء معدني المنغنيس في وادي بعبعة .
  وبين هذا الميناء وسرابيت الخادم يومان بسير القوافل : تذهب الطريق من الميناء بوادي الطيبة فوادي الحمر فرملة القري فوادي بعبعة فوادي سوق  فالسرابيت .
  وقد قرر مجلس الصحة والكورنتينات في جلسة 6 يناير 1914 إنشاء محلة جديدة للحجر الصحي في هذا الميناء .
  " ميناء أبو رديس " على نحو عشرة أميال من ميناء أبو زنيمة وهو ميناء معدني الفيروز في وادي المغارة منذ عهد الفراعنة إلى اليوم . وبينه وبين وادي المغارة 15 ميلا بوادي البدرة .
  " ميناء الطور " على نحو خمسة وخمسين ميلا ون أبو رديس ومئة وخمسة وثلاثين ميلا من السويس بشاطئ البحر ومئة وخمسة وعشرين ميلا بطريق البواخر . وهو أشهر مواني سيناء وأقدمها وسيأتي ذكره في الكلام على مدينة الطور  ص15
  " ميناء راية " على نحو خمسة أميال من الطور وهو ميناء حسن وله بئر عذبة المياه وآثار تدل على أنه كان مأهولا في القديم . وهناك قبر شيخ يزار يعرف باسمه .
  " ميناء جار " على نحو سبعة أميال من راية , وهنا أيضا قبر شيخ يزار يعرف بهذا الاسم .
أما خليج العقبة الذي يحد سيناء الجنوبية من الشرق فطوله من رأس محمد إلى قلعة العقبة نحو مئة ميل وعرضه من سبعة أميال إلى أربعة عشر ميلا . وفيه ثلاث جزر :
  " جزيرة تيران " عند قاعدته تجاه رأس محمد بينهما مضيق حرج لمرور المراكب .
  " جزيرة سنافر " شرقيها وكلتاهما قفر بلقع .
  " جزيرة فرعون " عند رأس الخليج على ثمانية أميال من مدينة العقبة بحرا . وهي جزيرة صغيرة محيطها نحو ألف متر مؤلفة من اكمتين صغيرتين بينهما فرجة ضيقة وبينها وبين بر سينا نحو 250 مترا , وهي داخلة في حد سينا . وعلى قمتي الأكمتين قلعة قديمة لم يبق منها سوى صهاريج الماء ومخازن الغلال والذخائر ومنازل العساكر , وفي جدرانها المزاغل لضرب النار , ولذلك تعرف  ص16
عند البدو بالقلعة أو المقليعة أو القرية , وهي الآن خراب لا ساكن فيها , وكان يحيط بها سور منيع له باب إلى جهة سيناء , وقد ذكر بعض السياح الافرنج ِأنه مر بالجزيرة في أواسط القرن الغابر فرأى حجرا فوق الباب عليه اسم باني القلعة وتاريخ بنائها ولكن هذا الباب قد تهدم الآن وتهدم السور إلى الأرض إلا أن ما يبدو من أساسه يدل على متانته . وقد فتشت عن الحجر التاريخي المشار إليه في الجزيرة كلها فلم أقف له على أثر , ولكن عثر بعضهم بين خرائب القلعة على قطع من العملة النحاسية القديمة .
  وقد ظن بعض السياح أنها عصيون جابر المذكورة في التوراة بقرب أيلة ولكن خرائب قلعتها الحاضرة تدل على أنها أحدث جدا من ذلك العهد , والأرجح أنها من بناء صلاح الدين الأيوبي وإنه بناها لمقاومة الصليبيين وهي تشبه في بنائها قلعة لصلاح الدين في جوار عين سدر كما سيجئ , ويقال أن أرنولد ده شنتليون حصرها بالمراكب سنة 1182م , ثم هجرت بعد ذلك بمئة سنة واكتفي بقلعة العقبة .
  وأما " رأس محمد " فهو تل صغير في رأس مثلث سيناء علوه نحو 120 مترا . وعلى نحو 20 ميلا منه شمالا رأس النصراني " وأشهر موانئ هذا الخليج على شاطئ سيناء :
  " ميناء الشرم " بين رأس محمد ورأس النصراني . على نحو ثمانية أميال من الأول واثني عشر ميلا من الثاني , وفي هذا الميناء قبر شيخ يزار يعرف بهذا الاسم .
  " ميناء النبك " على نحو عشرين ميلا من ميناء الشرم وهو أقرب فضة إلى بر الحجاز وتجاهه في ذلك البر ميناء الشيخ حميد بينهما سبعة أميال أو حواليها . ينتابه الآن تجار الإبل والغنم وأكثرهم من عرب الحويطات المصريين فيأتون بالإبل والغنم من بر الحجاز إلى النبك ثم يخترقون برية سيناء إلى السويس , وسيأتب ذكر هذه الطريق تفصيلا , وفي النبك آبار عذبة الماء وبستان نخيل , قيل وهناك خرائب دير بني في صدر النصرانية , وقربه خرائب قرية صغيرة أقدم منه .
  " ميناء ذهب " على نحو خمسة وعشرين ميلا من النبك وفي عرض شمالي 28' 28 وهناك آبار ماء عذبة قديمة العهد وثلاث جنان من النخيل , قيل وهناك أيضا خرائب دير قديم , وإن القدماء عدنوا الذهب في جواره ومن ذلك اسمه  ص17
  " ميناء نويبع " على نحو ثلاثين ميلا من ميناء ذهب وفيه آبار ماء وحديقة متسعة من النخيل وطابية صغيرة بنتها السردارية المصرية سنة 1893م وجعلت فيه نغرا قليلا من البوليس الهجانة وألحقتها إداريا بمركز نخل .
  وفي خليج العقبة المد والجزر كما في خليج السويس , وقد راقبناهما مدة إقامتنا في رأس خليج العقبة سنة 1906 فكان الفرق بينهما ست أقدام .
وأما الخط الشرقي الذي جعل الحد بين سيناء من جهة وولاية الحجاز ومتصرفية القدس من جهة أخرى فقد عين بالتدقيق في الاتفاق الذي عقد بين الحكومة الخديوية المصرية وبين الدولة العلية سنة 1906 كما سيجئ تفصيلا , ولم يعين حد سيناء الشرقي من قبل بمثل هذا التدقيق في عصر من العصور ولكن يستدل من مراجعة تاريخ مصر وسوريا ومن التقاليد المحفوظة عند أهل الحدود ِإلى هذا اليوم أن رفح كانت في أكثر العصور الحد بين مصر وسوريا على البحر المتوسط وأيلة المعروفة الآن بالعقبة الحد بين مصر والحجاز على رأس خليج العقبة , وإليك البيان : ص 18
  " حد رفح " أما رفح فقد جرت فيها عدة وقائع حربية بين ملوك مصر وملوك آسيا كأن ملوك مصر كانوا يقفون عند رفح للذب عن حدهم . من ذلك مجئ سباقون ملك مصر إلى رفح سنة 715ق.م لصد الأشوريين عن بلاد مصر ومجئ بطليموس الرابع ملك مصر سنة 317ق.م لرد انطونيوس الكبير ملك سوريا عن مصر كما سترى في باب التاريخ .
وفي أخبار فتح عمرو بن العاص لمصر سنة 18هـ 639م : أن عمر بن الخطاب ألحقه بكتاب وهو في الطريق ففضه عمرو في العريش وتلاه على أصحابه وهو : " ... أما بعد فإن أدركك كتابي هذا وأنت لم تدخل مصر فارجع عنها وأما إذا أدركك وقد دخلتها أو شيئا من أرضها فامض واعلم أني ممدك . فالتفت عمرو إلى من حوله وقال أين نحن ياقوم فقالوا في العريش فقال وهل هي من أرض مصر أم الشام فأجابوا أنها من مصر وقد مررنا بعمدان رفح أمس المساء فقال هلموا بنا إذا قياما بأمر الله وأمير المؤمنين .
  والظاهر أن حد مصر كان في زمن اليعقوبي الذي عاش في أواخر القرن الثالث للهجرة وابن الفقيه الهمذاني الذي عاش في القرن الرابع للهجرة في مكان يقال له " الشجرتين " قرب رفح : قال اليعقوبي في كتاب البلدان " ... ومن خرج من فلسطين مغربا يريد مصر خرج من الرملة ,, إلى مدينة غزة .. ثم إلى رفح وهي آخر أعمال الشام ثم إلى موضع يقال له " الشجرتين " وهي أول حد مصر ثم إلى العريش وهي أول مسالح مصر وأعمالها .. "وقال الهمذاني : وطول مصر من الشجرتين اللتين بين رفح والعريش إلى أسوان وعرضها من برقة إلى أيلة وهي مسيرة أربعين ليلة في أربعين ليلة " .
  وفي تقويم البلدان لأبي الفداء الذي توفي سنة 723هـ 1323م " حد ديار مصر الشمالي بحرا بحر الروم من رفح العريش ممتدا على الجفار إلى الفرما إلى الطينة إلى دمياط إلى ساحل رشيد إلى الاسكندرية وبرقة , والحد الغربي مما بين الاسكندرية وبرقة على الساحل أخذا جنوبا إلى ظهر الواحات إلى حدود  ص19
النوبة , والحد الجنوبي من حدود النوبة المذكورة آخذا شرقا إلى أسوان إلى بحر القلزم . والحد الشرقي من بحر القلزم المذكور قبالة أسوان إلى عيذاب إلى القصير إلى القلزم " السويس " إلى تيه بني إسرائيل ثم ينعطف شمالا إلى بحر الروم إلى رفح العريش حيث ابتدأنا " .
  وجاء في تاريخ مصر الحديث بالفرنساوية للموسيو " أمادي ريم " عند ذكره زحف نابليون على سوريا بطريق العريش ما ترجمته :
  " فاستأنف الجيش الشير في 24 فبراير سنة 1799م , وفي الطريق حيا العمد المشيدة في الصحراء لتعيين الحد بين أفريقيا وآسيا حتى وصل خان يونس " اه
وهو يعني عمد رفح لأنه ليس في الطريق قبل خان يونس عمد غيرها .
  وجاء في أسفار المستر " وليم وتمن " الذي رافق الحملة العثمانية إلى العريش سنة 1801 ما ترجمته : " وفي 29 مارس سنة 1801 خرجنا من خان يونس قاصدين العريش وبعد مسيرة نحو ساعتين وصلنا الحدود التي تفصل آسيا عن أفريقيا وهناك استرحنا قليلا عند بئر ثم واصلنا السير فمررنا بين عمودين من الغرانيت المصري قيل أنهما أقيما هناك لتعيين الحد بين القارتين " اه . وهو يعني بئر رفح وعمودي الحدود
  وفي سنة 1869م نشر محمد قدري بك كتابا في تاريخ مصر وجغرافيتها , ثم نشر محمد أمين فكري بك جغرافيته ينة 1897م . فأثبتا حد مصر عن أبي الفداء والمشهوران إسماعيل باشا الخديوي الأسبق زار رفح في أوائل ملكه فرأى عمودين من الغرانيت قائمين تحت سدرة قديمة ومعروفين أنهما الحد بين مصر وسوريا فأقر ذلك .
  وزار عباس باشا حلمي الثاني خديوي مصر الحالي عمودي رفح سنة 1898م فأمر فنقش على العمود الذي إلى جهة مصر تاريخ زيارته للحدود كما سيجئ . ولما ذهبت إلى الحود سنة 1906 صرح لي بدو تلك الجهات أنهم منذ نشأتهم يرون هذين العمودين ويعلمون أنهما الحد بين مصر وسوريا وأنهم ورثوا هذا علم عن الآباء والأجداد . ولعل ما أوجب أن تكون رفح الحد بين مصر وسوريا موقعها الطبيعي فهناك يقل المطر وينتهي الخصب ويبدأ رمل الجفار الذي يمتد إلى الدلتا . ص20
وأما أيلة فقد جاء في كتاب أحسن التقاويم في معرفة الأقاليم لشمس الدين المقدسي المعروف بالبشاري الذي عاش سنة 375هـ 958م : " وفي أيلة تنازع بين الشاميين والمصريين والحجازيين وإضافتها إلى الشام أصوب لأن رسومهم وأرطالهم شامية " . وحسبها الهمزاني آخر حد مصر من جهة الغرب كما مر . واستولى الصليبيون على إيلة فخرج صلاح الدين الأيوبي من مصر سنة 665هـ 1266م فاسترجعها منهم وجعل فيها حامية من رجاله . وما زالت عساكر مصر تحمي ايلة ثم العقبة خليفتها إلى أن تسلمتها الدولة العلية من مصر سنة 1892م كما سيجئ . وقال أبو الفداء في الكلام عن ايلة : " وهي في زماننا برج وبه وال من مصر " . وذكرها المقريزي الذي عاش في القرن التاسع للهجرة فقال : " وايلة أول حد الحجاز .. وكانت حد مملكة الروم في الزمن الغابر " . وقال صاحب كتاب درر الفرائد المنظمة في أخبار الحج وطريق مكة المعظمة الذي زار مكة بطريق ايلة سنة 955هـ 1548م : " وايلة آخر حد مصر وأول الحجاز " .
  وخلاصة ما تقدم أن التاريخ يدل على أن رفح أو شجرتين في ضواحيها هي أول حد مصر الشرقي من جهة البحر المتوسط وايلة المعروفة الآن بالعقبة كانت تعتبر تارة في الحجاز وتارة في مصر ولكنها كانت في أغلب الأحيان تابعة لمصر , أما اللجنة التي تدبت لتعيين الحدود سنة 1906 فقد أبقت على رفح الحد بين مصر وسوريا ولكنها ألحقت أيلة بالحجاز وجعلت رأس وادي طابا قرب جزيرة فرعون الحد بين الحجاز وسينا كما سيجئ مفصلا .
  هذا وطول الخط الفاصل من رأس طابا إلى رفح نحو 150 ميلا فيكون محيط شبه جزيرة سينا نحو 630 ميلا كما يأتي :
  130 ميلا البحر المتوسط من رفح إلى بورسعيد بطريق الشاطئ
  100 ميلا ترعة السويس
  150 خليج السويس
  100 خليج العقبة
  150 الخط الفاصل الشرقي
ــــــــــــــــ
  630 ميلا المجموع  ص21
وطول الجزيرة من البحر المتوسط إلى رأس محمد نحو 230 ميلا . وعرضها من السويس إلى رأس طابا نحو 150 ميلا . ومساحتها بوجه التقريب 25 ألف ميل مربع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدونة التاريخ ناصر شلبي